لماذا نشعر بالتوتر عندما يمدحنا الآخرون… وما الحقيقة النفسية التي تكشفها هذه اللحظة؟

لماذا نشعر بالتوتر عندما يمدحنا الآخرون… وما الحقيقة النفسية التي تكشفها هذه اللحظة؟

مرآة الذات

هل سبق لك أن وقفت أمام المرآة بعد يوم عمل شاق، أو بعد إنجاز مشروع منزلي أو مهني ضخم، وشعرت بشعور غريب من التناقض؟

من جهة، أنت تدرك حجم الجهد الذي بذلته، وساعات التعب كما توضح مدونة رحلة1، والتفاصيل الدقيقة التي عالجتها ببراعة.

مشهد يعبر عن صراع تقدير الذات عند سماع المديح – رحلة1
مشهد يعبر عن صراع تقدير الذات عند سماع المديح – رحلة1

 ومن جهة أخرى، عندما يأتيك صوت خارجي ليؤكد هذه الحقيقة—صوت زميل، أو مدير، أو حتى شريك حياة—يمتدح صنيعك بصدق، تجد نفسك تنكمش تلقائيًا.

ترتسم على وجهك ابتسامة صفراء، وتخرج من فمك كلمات مبرمجة سلفًا لقتل هذا الثناء في مهده: "لا، لا، الأمر لم يكن بهذه العظمة"، أو "لقد ساعدتني الظروف فقط"، أو الأسوأ: "أي شخص كان بإمكانه فعل ذلك".

لماذا نفعل هذا بأنفسنا؟

 لماذا نمتلك رغبة خفية وعميقة في الحصول على التقدير، وعندما يأتينا على طبق من ذهب، نركله بأقدامنا؟

 إن هذه الظاهرة ليست مجرد "خجل" عابر، وليست دليلاً على "أدب جم" كما نوهم أنفسنا غالبًا.

 إنها، في حقيقة الأمر، عَرَض لشرخ أعمق في جدار الثقة بالنفس، وفجوة مخيفة بين ما ننجزه وبين ما نعتقد أننا نستحقه.

بصفتي محررًا ماليًا ومراقبًا لسلوكيات النجاح في عالمنا العربي، أرى يوميًا كيف يتسبب هذا السلوك "البريء" ظاهريًا في خسائر فادحة.

 خسائر لا تقتصر على المشاعر، بل تمتد لتضرب المحفظة المالية، وتعطل الترقيات، وتجعل أصحاب الكفاءات العالية يعيشون في الظل بينما يتصدر المشهد من هم أقل كفاءة ولكنهم أكثر جرأة في احتضان نجاحاتهم.

في هذا المقال الموسع والمرجعي، لن نكتفي بالسطح. سنغوص في أعماق النفس البشرية لنفكك عقدة "متلازمة المحتال"، وسنحلل بالأرقام كيف يكلفك التواضع الزائف آلاف الدولارات سنويًا.

سنناقش المنظور الشرعي والثقافي بجرأة، لنفرق بين التواضع المحمود والانسحاق المذموم.

والأهم من ذلك، سنضع بين يديك "بروتوكولاً عمليًا" لإعادة برمجة عقلك على استقبال الخير، باعتبار أن القبول هو أول خطوات الوفرة.

أ/ التشريح النفسي للرفض: لماذا يؤلمنا المديح؟

للفهم العميق لهذه الظاهرة، يجب أن ننظر إليها من خلال عدسة علم النفس السلوكي والمعرفي.

 عندما يوجه لك أحدهم مجاملة، هو في الحقيقة يقدم لك "بيانات إيجابية" عن نفسك.

 في الحالة الطبيعية، يجب أن يستقبل العقل هذه البيانات، ويعالجها، ويضيفها إلى رصيد "صورة الذات".

 ولكن، بالنسبة للكثيرين منا، يحدث ما يسميه علماء النفس التنافر المعرفي  (Cognitive Dissonance).

صراع الصورة الذاتية

عقلك لديه "صورة ذاتية" (Self-Image) راسخة، قد تكون تكونت منذ الطفولة.

إذا كانت هذه الصورة تقول: "أنا شخص عادي، أنا لست مبدعًا، أنا دائمًا أرتكب الأخطاء"، فإن أي مديح خارجي يقول عكس ذلك ("أنت مبدع، عملك متقن") يعتبره العقل "فيروسًا" أو معلومة خاطئة تهدد استقرار نظامه الداخلي.

العقل البشري يفضل أن يكون "محقًا" على أن يكون "سعيدًا".

لذلك، عندما يتعارض المديح مع قناعتك الداخلية، يسارع عقلك لرفض المديح (Reject) لكي يحافظ على انسجامه الداخلي، حتى لو كان هذا الانسجام سلبيًا ومؤلمًا.

 إن قبول المديح يتطلب منك تغيير نظرتك لنفسك، وهذا تغيير مخيف ومجهد نفسيًا، فالأسهل هو رد المديح لتبقى في منطقة الراحة الخاصة بك، منطقة "أنا لست جيدًا بما يكفي".

متلازمة المحتال (Imposter Syndrome): العدو الصامت

هذا هو الوحش الكامن تحت السرير.

 متلازمة المحتال تجعلك تشعر أن نجاحك هو نتيجة لضربة حظ، أو خطأ في النظام، أو أنك استطعت خداع الجميع حتى الآن، لكنك ستنكشف حتمًا.

عندما يمتدحك مديرك على تقرير مالي معقد أنجزته، لا يسمع عقلك "عمل رائع"، بل يسمع: "لقد نجوت هذه المرة أيضًا، لكنهم سيكتشفون قريباً أنك لا تفهم شيئًا".
قبول المجاملة بالنسبة للمصاب بمتلازمة المحتال يعني "تثبيت التهمة".

إذا قلت "شكرًا"، فأنت تقر بأنك كفؤ، وهذا يرفع سقف التوقعات للمستقبل.

والخوف القاتل هنا هو: "ماذا لو لم أستطع تكرار هذا النجاح غدًا؟".

 لذا، يكون الرفض هو آلية دفاعية وقائية لخفض التوقعات، وكأنك تقول لهم: "لا تعتمدوا عليّ كثيرًا، هذا كان مجرد صدفة".

تأثير "بقعة الضوء" (The Spotlight Effect)

كثير من الناس، خاصة ذوي الشخصيات الانطوائية أو الحساسة، يشعرون برعب حقيقي من أن يكونوا محط الأنظار.

 المجاملة، بطبيعتها، تسلط الضوء عليك.

 إنها تخرجك من الجموع وتضعك على المنصة ولو لثوانٍ.

 هذا "الظهور" يشعر البعض بالتهديد وعدم الأمان، وكأنهم مكشوفون أمام النقد والحسد.

الرد السريع بالنفي ("لا لا، الفريق كله عمل") هو محاولة يائسة للهروب من دائرة الضوء والعودة إلى الظل الآمن حيث لا يراك أحد ولا يحكم عليك أحد.

ب/ فاتورة التواضع الزائف: كم تخسر ماليًا ومهنيًا؟

دعنا ننتقل من علم النفس إلى لغة الأرقام والاقتصاد، وهي لغتي المفضلة.

 قد تعتقد أن رفضك للمديح هو شأن شخصي لا علاقة له براتبك أو دخلك، لكن الحقيقة صادمة.

هناك علاقة طردية وثيقة بين القدرة على استقبال التقدير (Self-Endorsement) وبين العائد المادي.

ضياع فرص التفاوض على الراتب

عندما تجلس في مقابلة سنوية لمراجعة الأداء، ويبدأ مديرك بسرد إنجازاتك، إذا كانت ردة فعلك التلقائية هي التقليل منها ("كان هذا واجبي فقط"، "لم يكن الأمر بتلك الصعوبة")، فأنت عمليًا تقدم له الذخيرة لعدم زيادة راتبك.

اقرأ ايضا: كيف تتحول من عدوّ نفسك إلى أقرب صديق لها… وتغيّر حياتك المالية والنفسية؟

 أنت تخبره بلسان حالك أن العمل كان "سهلاً" وأن أي موظف مبتدئ كان يمكنه القيام به.
في المقابل، الموظف الذي يتقن فن قبول المجاملة سيقول: "شكرًا لك، أنا فخور جدًا بأن استراتيجية تقليل التكاليف التي وضعتها وفرت على الشركة 15%، وأتطلع لتحقيق المزيد".

هذا الرد لا يثبت الإنجاز فحسب، بل يربطه بقيمة رقمية، مما يجعل طلب زيادة الراتب خطوة منطقية ومستحقة.

 تشير الدراسات السلوكية في الاقتصاد إلى أن الأشخاص الذين ينسبون نجاحاتهم للحظ أو للظروف الخارجية (External Locus of Control) يتقاضون رواتب أقل بنسبة تتراوح بين 10% إلى 20% مقارنة بأقرانهم الذين يمتلكون الجرأة لنسب النجاح لمهاراتهم.

المستقلون (Freelancers) وتسعير الخدمات

في عالم العمل الحر، أنت هو "المنتج" وأنت "المسوق".

 إذا أثنى عميل على جودة تصميمك أو دقة ترجمتك، ورددت بـ "العفو، هذا شيء بسيط"، فأنت ترسل رسالة ضمنية بأن خدمتك لا تستحق سعرًا عاليًا  "Premium Price".
 العميل يدفع مقابل "القيمة"، وجزء كبير من القيمة هو "الثقة".

 المصمم الذي يتقبل المديح بثقة ("سعيد أن التصميم نال إعجابك، لقد حرصت على دمج أحدث معايير تجربة المستخدم فيه") يرفع من القيمة المدركة لعمله، مما يسهل عليه رفع أسعاره مستقبلاً دون مقاومة من العميل.

ج/ المنظور الشرعي والثقافي: شعرة معاوية بين التواضع والمهانة

نحن نعيش في مجتمعات عربية وإسلامية متشبعة بقيم نبيلة، لكن الممارسة الاجتماعية شوّهت بعض هذه المفاهيم.

 لقد خلطنا بشكل كارثي بين "التواضع" (Humility) وبين "هوان النفس" (Self-Abasement).

التواضع vs. كفران النعمة النفسي

التواضع في الإسلام هو ألا تزدري الخلق، وألا تظن أنك خير منهم عند الله، وأن تنسب الفضل للمنعم (الله سبحانه).

لكن التواضع لا يعني أبدًا إنكار النعمة أو الكذب بشأن الواقع.

 إذا رزقك الله مهارة في الكتابة، وقال لك أحدهم "أنت كاتب بارع"، فإن قولك "لا، أنا لا أفهم شيئًا في الكتابة" هو كذب في حقيقته، وهو نوع من جحود النعمة المبطن.
الله عز وجل يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.

 والقرآن يوجهنا بوضوح: "وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ".

التحديث بالنعمة هنا هو الإقرار بها وشكر الله عليها.

الرد المتوازن شرعًا ونفسيًا هو: "الحمد لله الذي يسر لي هذا، شكرًا لك على كلماتك الطيبة".

هذا الرد يجمع بين ثلاثة أمور: يثبت النعمة، ينسب الفضل لله (تواضع)، ويشكر الناس (ذوق اجتماعي).

فوبيا "العين" والحسد

لا يمكننا إنكار أن جزءًا كبيرًا من رفضنا للمديح في العالم العربي نابع من خوف عميق من "العين".

 لقد تبرمجنا على جملة "داري على شمعتك تقيد".

ورغم أن العين حق كما ورد في الأثر، إلا أن تحويل الحياة إلى مسرحية من الاختباء والإنكار هو سلوك مرضي يعطل الحياة.

 المؤمن القوي يتحصن بالأذكار، ويتوكل على الله، ثم يمضي في حياته مستبشرًا.

إن المبالغة في الخوف من الحسد تجعلنا نرفض حتى الدعوات الصالحة والمباركات، مما يقطع حبال الود بين الناس ويحرمنا من طاقة إيجابية نحن في أمس الحاجة إليها.

د/ البعد الاجتماعي والنوعي: هل تعاني النساء أكثر؟

تشير العديد من الدراسات إلى أن النساء يملن لرفض المجاملات بنسبة أعلى من الرجال، خاصة في بيئات العمل.

يعود ذلك غالبًا لتوقعات مجتمعية تفرض على المرأة أن تكون "مراعية" و"متواضعة" وألا تظهر بمظهر "المسيطرة" أو "المتفاخرة".
المرأة غالبًا ما تنسب نجاحها لـ "الفريق"، أو "الحظ"، أو "مساعدة فلان"، بينما يميل الرجل لنسب النجاح لـ "قدراته" و"ذكائه".

هذه الفجوة في التعبير عن الاستحقاق هي أحد الأسباب الخفية وراء الفجوة في الأجور وفي تولي المناصب القيادية.
عزيزتي القارئة، إن قبولك للمديح ليس "غرورًا" ولا "أنانية".

 إنه إعلان عن وجودك وعن كفاءتك. عندما تتقبلين المديح بكلمة "شكرًا" واضحة ودون تبريرات، أنتِ تكسرين نمطًا اجتماعيًا وتصنعين قدوة لبناتك ولزميلاتك بأن المرأة القوية هي التي تعرف قيمتها ولا تخجل منها.

هـ/ القائد الذكي: كيف تمدح فريقًا لا يعرف كيف يستقبل المديح؟

إذا كنت مديرًا أو قائد فريق، فقد تواجه موظفين يرفضون مديحك باستمرار.

 هذا محبط لك كقائد، لأنه يقتل الحافز الذي تحاول زرعه. إليك كيف تتعامل مع هذه الحالة:

كن محددًا جدًا: لا تقل "أنت ممتاز".

 هذه جملة عامة يسهل رفضها.

قل: "الطريقة التي صغت بها الفقرة الثالثة في التقرير كانت ذكية جداً وحلت مشكلة التواصل مع العميل".

 المديح المحدد بالأدلة يصعب إنكاره لأنه حقيقة واقعة.

امتدح "الأثر" لا "الشخص": بدلاً من التركيز على صفات الشخص (أنت ذكي)، ركز على أثر عمله (تحليلك ساعدنا في تجنب خسارة كبيرة). هذا يقلل من حرج "الأنا" لدى الموظف ويجعله يركز على قيمة عمله.

امدح في العلن، وناقش الرفض في السر: إذا رفض موظفك المديح أمام زملائه، لا تجادله.

لكن في اجتماع فردي، قل له بلطف: "لاحظت أنك تقلل من شأن إنجازاتك عندما أمدحك.

أريدك أن تعرف أن عملك قيم حقًا، وعندما تنكره فأنت تقلل من قيمة مساهمتك في الفريق.

تدرب على قول شكرًا فقط".

و/ ورشة عمل "إعادة البرمجة": بروتوكول الـ 21 يومًا لقبول الاستحقاق

تغيير عادة عقلية عمرها سنوات لا يحدث بضغطة زر.

 نحتاج إلى تدريب عملي ومنتظم لإعادة تشكيل المسارات العصبية في الدماغ لتقبل الإيجابية.

 إليك خطة عملية قابلة للتنفيذ:

الأسبوع الأول: المراقبة والصمت (The Pause)

في هذا الأسبوع، مهمتك الوحيدة هي "رصد" ردود أفعالك.

عندما يمدحك أحد، ستشعر برغبة ملحة في الكلام (التبرير، النفي، تحويل الموضوع).

التمرين: قاوم هذه الرغبة.

عض على لسانك حرفيًا إذا لزم الأمر. عد في سرك (1.. 2.. 3). ثم قل كلمة واحدة فقط: "شكرًا".

لا تضف أي شيء.

 لا تقل "شكرًا، لكن...".

 فقط "شكرًا".

وراقب كيف يشعرك هذا الصمت.

هل تشعر بالتوتر؟

هذا طبيعي، إنه صوت "الناقد الداخلي" يحتضر.

الأسبوع الثاني: الامتنان التوكيدي (Assertive Gratitude)

الآن سنرفع المستوى. بدلاً من مجرد قبول المديح، سنقوم بتأكيده بطريقة إيجابية.

السيناريو: شخص يقول لك "ملابسك أنيقة اليوم".

الرد القديم: "أوه، هذا قميص قديم اشتريته في التخفيضات".

الرد الجديد: "شكرًا لك، أنا أيضًا أحب هذا اللون، إنه يشعرني بالراحة".

هذا الرد يوافق المجامل، ويضيف عليه مشاعر إيجابية، مما يغلق دائرة التواصل بطاقة عالية.

الأسبوع الثالث: تمرين "ملف الانتصارات" (Win Folder)

هذا تمرين خاص بك وحدك.

خصص دفترًا أو ملفًا رقميًا بعنوان "انتصاراتي".

في نهاية كل يوم، اكتب 3 أشياء قمت بها جيدًا، مهما كانت صغيرة (أعددت قهوة ممتازة، أنهيت مهمة في وقتها، ساعدت زميلاً).

اقرأ هذه القائمة بصوت مسموع.

هذا يعود دماغك على "سماع" المديح والاعتراف بالإنجاز، حتى لو كان صادرًا من نفسك.

عندما تعتاد على سماع الخير من نفسك، لن تستغربه عندما تسمعه من الآخرين.

تمرين متقدم: قاعدة "نعم، و..." (Yes, And...)

هذه تقنية مستعارة من مسرح الارتجال. عندما تتلقى مديحًا مهنيًا، وافق عليه (نعم)، ثم أضف معلومة تعزز قيمتك (و...).

مثال: "تقريرك كان شاملاً جداً".

الرد: "شكرًا لك (نعم)، لقد قضيت وقتاً طويلاً في البحث للتأكد من دقة البيانات (و...)، وسعيد أنه كان مفيداً".

هذا الأسلوب يظهرك بمظهر الخبير المحترف الذي يعرف قيمة جهده ولا يخجل منه.

ز/ أسئلة شائعة تدور في ذهنك (FAQ)

س: أخشى إذا قبلت المديح أن أصبح مغرورًا أو نرجسيًا.

ج: الغرور هو شعور بالأفضلية الوهمية واحتقار الآخرين.

 أما قبول المديح فهو "واقعية".

 الاعتراف بأنك قمت بعمل جيد هو حقيقة، وليس غرورًا.

 طالما أنك تنسب الفضل لله في قلبك ولا تنتقص من غيرك، فأنت بعيد عن الغرور.

النرجسي لا يكتفي بالمديح، بل يطلبه ويستجدي الإعجاب.

 أما أنت فتشعر بالحرج منه، وهذا دليل بحد ذاته على أنك لست نرجسيًا.

س: ماذا لو كان الشخص يجاملني "مجاملة كاذبة" لمصلحة ما؟

ج: حتى لو كانت نية الشخص غير صافية، ردك الراقي يعكس معدنك أنت لا معدنه هو.

 قبولك للمديح بذكاء ("شكرًا لذوقك") ينهي الموقف بسلام ولا يعطيه مساحة للتلاعب.

الرفض والارتباك هو ما قد يستغله المتلاعب ليشعر بضعف ثقتك بنفسك.

س: أشعر أنني كاذب إذا قبلت مديحًا على شيء أراه "عادياً".

ج: ما تراه أنت "عادياً" لأنه سهل عليك، قد يكون "معجزة" لغيرك.

خبرتك لسنوات جعلت الأمر يبدو بديهياً لك، لكنه ليس كذلك للآخرين. احترم وجهة نظرهم.

 هم لا يكذبون، هم يصفون تأثير عملك عليهم.

قبولك للمديح هو احترام لرأيهم وتقييمهم.

ح/ وفي الختام:

 تصالح مع عظمتك الخفية

في نهاية المطاف، قضية قبول المجاملات ليست مسألة إتيكيت اجتماعي، بل هي معركة وجودية صغيرة نخوضها يوميًا لتحديد مكانتنا في هذا العالم.

 كل مرة تقول فيها "لا" لمديح صادق، أنت تضع طوبة أخرى في جدار يعزلك عن فرص الحياة وعن الاستمتاع برحلتك. وكل مرة تقول فيها "شكرًا" بامتنان وثقة، أنت تهدم جزءًا من هذا الجدار، وتسمح لنور الاستحقاق أن يملأ روحك.

الحياة أقصر من أن تقضيها في الاعتذار عن وجودك، أو في محاولة تقزيم نفسك لكي لا تزعج الآخرين ببريقك.

العالم المالي والمهني لا يرحم المترددين، ولكنه يفتح ذراعيه (وخزائنه) لأولئك الذين يعرفون قيمتهم ويقدرون ما يقدمونه من نفع.

قرر اليوم، والآن، أن تكسر حلقة الإنكار.

 في المرة القادمة التي يخبرك فيها أحدهم كم أنت رائع، أو كم كان عملك متقناً، لا تهرب.

قف بثبات، خذ نفساً عميقاً، تذكر أن هذا رزق ساقه الله إليك على لسان عبده، وابتسم وأنت تقول تلك الكلمة السحرية التي ستغير كل شيء: "شكرًا، أنا ممتن لتقديرك".
أنت تستحق هذا التقدير، وأكثر.

اقرأ ايضا:كيف يتحكم الماضي في قراراتك اليوم… دون أن تشعر؟ السر النفسي الذي يغفل عنه الكثيرون

هل لديك استفسار أو رأي؟

يسعدنا دائمًا تواصلك معنا! إذا كانت لديك أسئلة أو ملاحظات، يمكنك التواصل معنا عبر صفحة [اتصل بنا] أو من خلال بريدنا الإلكتروني، وسنحرص على الرد عليك في أقرب فرصة ممكنة .

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال